نوزت جيجك - صحيفة سيسلي - ترجمة وتحرير ترك برس

ضمن سلسة حروب دول العالم والنظام العالمي على الإرهاب، عقدت هذه الدول تحالفا فيما بينها من أجل القضاء على تنظيم الدولة "داعش"، تماما كما عقدت تحالفات سابقة في كل من أفغانستان والعراق والصومال. وفي خضم هذه المعركة نرى أن رؤى الولايات المتحدة الامريكية القائدة لهذه الحملة تتعارض مع تركيا في كثير من النقاط والتفاصيل، رغم تقديم الأخير قاعدة إنجيرليك العسكرية لأمريكا وقوات التحالف.

تسعى دول العالم إلى تمرير سياساتهم وأجنداتهم عبر العالم عن طريق استخدام حملة "الحرب على الإرهاب" وهو ما قد عرفناه وباتت قصة قديمة، وفي هذه الحملة فإن قوى عالمية ودول عظمى تسعى لتمرير سياساتها عبر حملة الحرب على داعش. ورغم كل هذا التدخل نرى أن هذه القوى لا تقدم أي جديد قد يحل الأزمة أو يساعد على ذلك، بل نرى العكس تماما؛ إذ أن الأزمة في الشرق الأوسط وفي سوريا بالذات، زادت وما تزال تزداد تعقيدا مع كل تدخل لهذه القوى، لكن في المقابل لو استطاعت تركيا وإيران التوصل إلى حل مشترك أو إلى خطة أو حتى إلى توافق بما يتعلق بالأزمة السورية؛ فإنها ستكون الخطوة الأولى والأساسية نحو الحل.

الأزمة السورية لم تكن يوما من الأيام تتمثل بـ "سوريا بدون بشار الأسد"؛ ولو كانت كذلك لسلّحت أمريكا المعارضة السورية من وقت بعيد ولأصبحت سوريا اليوم بدون الأسد، لكن الحسابات الإقليمية والعالمية هي من تلعب الدور الأساسي في الأزمة السورية.

بالنسبة إلى تركيا فإن ما يهمها اليوم هو مصير حزب العمال الكردستاني الذي يستقر اليوم على جبل قنديل، فبينما ترى تركيا بأن البشمرجة هم أفضل من يمكن أن يأخذ مكان حزب العمال الكردستاني على الجبل، ترى الولايات المتحدة الأمريكية بأن حزب التحرر الإيراني الكردي هو الأنسب؛ لأنه سيحد من الطموح الإيراني في المنطقة وسيبقي اللعبة بين الأيدي الأمريكية.

ثم يأتي السؤال الثاني الذي تطرحه تركيا، أين سيذهب حزب العمال الكردستاني عند ترك جبل قنديل؟ ترى أمريكا بأن أفضل خيار هو أن يتم دمجهم مع وحدات حماية الشعب الكردي، فلو عادت مباحثات السلام إلى الحياة من جديد فإن أفراد الحزب الإرهابي وسلاحهم يكونوا قد اندمجوا مع وحدات حماية الشعب الكردي، الشرعية بعيون دول العالم؛ وهو الأمر الذي سيضفي الشرعية على حزب العمال المنحل في الأخير. أما رأي الأسد والنظام السوري في هذه المسألة فتندرج تحت بند الايجاب؛ فبعد أن عقد حزب العمال الكردستاني اتفاقياته مع النظام سابقا يرى النظام فيهم حلفاء.

في سياق الحديث عن كانتونات وحدات حماية الشعب ومدى قبول الأطراف بسيطرتهم على مناطق واسعة، لن نستغرب إذا سعت أمريكا الى تسليم هذه المناطق لقوات البشمرجة؛ الأمر الذي يقلل من قلق تركيا ويجعل أمريكا تدفع إلى سيطرة البشمرجة على الحدود مع تواجد حزب العمال الكردستاني في سوريا. هل تستطيع أمريكا ان تقوم بهذا؟ المستقبل هو من سيخبرنا.

في الوقت الذي تقود فيه الولايات المتحدة الامريكية حملتها على داعش، ومن ثم طلبها استخدام قاعدة إنجيرليك العسكرية من أجل اقلاع طائراتها، وضربها لـ "أطمه" التي كانت ضربة مباشرة استهدفت مدنيين؛ ترى تركيا أن مثل هذه الأفعال إن تكررت من جديد ستعمل على تدمير التأييد الداخلي لحزب العدالة والتنمية سواء في القاعدة القيادة أو حتى الشعبية؛ وكذلك تأييد المتدينين في جمع أنحاء تركيا، ثم أنها أيضا ستتدمر العلاقات والدور القيادي الذي يلعبه حزب العدالة والتنمية في الأمة والعالم الإسلامي.

عن الكاتب

نوزت جيجك

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس