مصدر الصورة: رائد قطينة

عبد الإله بن سعود السعدون - الجزيرة

لم تكن مصادفة دعوة السلطان العثماني سليم الأول بالأمر بتحويل وجهة جيوشه من مواقعها بالغرب والاتجاه بها نحو حدود إيران بعد توغل جيوش الصفويين بقيادة إسماعيل الصفوي داخل الأناضول واقترابه لمعقل السلطنة العثمانية آنذاك، وكانت معركة جالديران عام (1514)م حاسمه بانتصار جيوش العثمانيين على الصفويين ودحرهم حتى وسط فارس عند تبريز، وشكلت تداعيات هذه المعركة المفصلية حماية أهل السنة من هبوب التشييع القسري والدموي الذي كان جنود إسماعيل الصفوي يفرضونه بالقتل والاغتصاب والنهب والسلب لكل من يعارض اتجاههم الطائفي من أتباع المذاهب الإسلامية الأربعة، وبدت بعدها مرحلة التوحد العربي التركي ضمن السلطنة العثمانية والتي تحولت تحت مسمى الخلافة الإسلامية إثر تنازل الخليفة العباسي المتوكل بالله عن الخلافة الإسلامية للسلطان سليم الأول.

وقد يكون لمنهج تسابق الأحداث الماضية بالحاضر المتشابهة لنهاية دولة الخلافة الإسلامية العثمانية والتي سماها أعداؤها الغربيون بالرجل المريض وسعوا حثيثين لتقاسم إرثه وهو يحتضر بتقسيم أطرافه أولاً إثر انهزام الجيوش العثمانية في الحرب العالمية الأولى عام (1914-1918)م أمام جيوش الحلفاء، وبتوقيع معاهدة سايكس بيكو تم إشهار شهادة وفاة الرجل المريض وتشطرت الأمة العربية والإسلامية إلى مستعمرات ومحميات بريطانية فرنسية ومعهما ضاعت فلسطين والأحواز العربية لليهود والإيرانيين كمكافآت للمساعدات التجسسية واللوجستية المقدمة من الصهيونية والماسونية وإيران للحلفاء والتي سهلت سقوط دولة الخلافة الإسلامية، وما أشبه اليوم بالأمس حيث تتكالب القوى الإقليمية مع حلفائها من الدول الكبرى في عالمنا الحاضر لاختيار بلاد العرب في العراق وسوريا واليمن كساحة لتصفية صراعاتهم ومطامعهم التوسعية على حساب الدم والجغرافية العربية، وخلق الأجواء التقسيمية لسايكس بيكو جديدة .

فالمشروع الإيراني الروسي ومحاولة إشراك الصين وكوريا الشمالية لجانبه لجعل سوريا والعراق مسرح عملياته الحربية ومقابلة التحالف الدولي الذي تتزعمه أمريكا ومعها اثنان وستون دولة والظاهر المعلن رغبة المشروعين الروسي والأمريكي الاشتراك في اتجاه للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي والذي ولد من رحم الاستخبارات الدولية، وللمشروعين أيضاً الروسي والأمريكي وأعوانهما الدور الواضح والعميق في خلق نواة عصابة داعش الميكروبية، ونحن أبناء وأحفاد الموروث العثماني في الأمتين العربية والتركية نتطلع وبجدية في كل أنشطة ملتقى الحوار العربي التركي من إزالة كل ضبابية خلقتها وأحسنت تربيتها ونشرها المنظمات والقوى المعادية للأمة الإسلامية أمثال الصهيونية العالمية ووليدتها غير الشرعية إسرائيل وأحفاد التفرقة القومية والطائفية والمحرضين لها أمثال القوى العالمية الطامعة بثروتنا الطبيعية ومعهم حليفهم الدائم دولة ملالي إيران، وهذا الجهد ليس سهلاً ولا يتم بالسياحة أو متابعة المسلسلات المتقابلة عربية وتركية واللقاءات المتبادلة بل لابد أن يترجم كمشروع سياسي واقتصادي يحيط من بداخله بالأمن والأمان، ويشكل تكتلاً مهاباً إقليميا ودولياً ويبعدنا عن مخاطر المدافع الدولي بالنيابة عنا، والذي أثبتت الأحداث المتسارعة أخيراً تصدع قوة مقياس ثقته وانحراف بوصلته مع التوقيع على اتفاقية الملف النووي الإيراني وإطلاق العنان لظهور الأطماع الإيرانية في العالم العربي من جنوب لبنان حتى طهران مروراً بدمشق وبغداد قلبا العروبة النابض، وتحويل هذه المنطقة بأسرها لدولة فارسية تحت غطاء محاربة الإرهاب المتطرف وهم صناعه وداعموه .

أمام الأحداث المتداعية وبسرعة وظهور مشاريع وتكتلات إقليمية ودولية تستهدف أمننا القومي وسيادتنا الوطنية والتلويح بمشاريع تقسيمية لأوطاننا ومحاربة وحدتنا القومية بالتدخل السافر بشؤوننا الداخلية وزرع عملاء متآمرون على أمننا ومكاسبنا السياسية والاقتصادية كل هذا وغيره يدعونا لليقظة والحذر والتهيؤ الاستباقي من الأخطار المحيطة بنا ومن كل جهة والعمل الجاد من قبلنا مواطنيين ودول نحو تشكيل مشروع عربي تركي باكستاني نواة قوة مشتركه لصون أمن واستقرار وسلام منطقتنا الإسلامية تحت مظلة التضامن الإسلامي، والذي تشرفت قيادة بلادي المملكة العربية السعودية بإعلان رايته منذ تأسيسها والنداء لكل الدول الإسلامية للتضامن ووحدة القرار السياسي منادين بالسلام والأمن العالمي وإيقاف كل المشاريع الإقليمية والدولية العدائية والتوسعية وإنقاذ شعوب المنطقة من شرور الحروب والتوسع الجغرافي والفتن الطائفية والتي تمارسها التكتلات الإقليمية والدولية بتنفيذ نظرية الأرض المحترقة لأرضنا العربية في سوريا والعراق والرغبة في ابتلاعهما والتلويح بالتمدد للأمام حتى البحر الأحمر لا سمح الله.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس