ناغيهان ألتشي - صحيفة ملّيت - ترجمة وتحرير ترك برس

أربع سنوات ونصف من الكابوس الحاصل في سوريا؛ لم يقدر على إيقافه أحد، بعثر جميع الأوراق في الشرق الأوسط وتحول إلى صندوق أسود. من هنا خرجت مشاكل معقدة جدًا، حيث حصلت تفجيرات سوروج وأنقرة، وقامت قوى عالمية عظمى بدعم تحركات معينة ضد تنظيمات إرهابية، وانقلبت المنطقة كلها رأسًا على عقب.  

بعد هذه التطوارات الخطيرة في المنطقة؛ حمل قسم من المراقبين سياسة تركيا الخارجية مسؤولية ما آلت إليه الأمور، وحملوها المسؤولية عن الأحداث الجارية في سوريا، بالإضافة  إلى مزاعم أخرى تقول إن أنقرة تدعم تنظيمًا إرهابيًا وهو داعش.

إذن أين تقف تركيا من السياسة السورية؟ هل أعادت تركيا وجهة نظرها وموقفها من بشار الأسد؟ وكيف سيغير مجيء ميركل الوضع؟

كل هذه الأسئلة طُرحت من قبل مجموعة صحفيين خلال برنامج لجهة مهمة جدًا. بعد ثلاثة ساعات متواصلة من الحديث حول هذا الموضوع خرجنا بنتائج صادمة؛ كان منها:

أولاً؛ ما يتعلق ببشار الأسد وهي: خطة مدتها ستة أشهر قائمة على تكوين تحالف بين عشر دول ضد داعش يكون فيها بشار الأسد موجودًا. ولكن في هذه الفترة تقوم مباحثات على نقل صلاحيات الأسد لرئاسة جديدة رمزية، وبعد ذلك يتم عزل بشار الأسد وقدوم سلطة جديدة.   

هذه الخطة وضعها الرئيس الأمريكي باراك أوباما على الطاولة أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع الأمم المتحدة. (بعد هذا الاجتماع بيوم واحد كنا قد خرجنا برفقة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إلى مدينة فان، وسألناه عن هذه الخطة فتبين أنها طرحت قبل فترة زمنية بسيطة من وقت سؤالنا).

ومن خلال مصادرنا الخاصة أصبح الموضوع واضحًا تمامًا؛ إن الصيغة التي وضعها الرئيس الأمريكي أمام فلاديمير بوتين كان عنوانها رحيل الأسد. لكننا لا نعرف إلى حد الآن قرار الرئيس الروسي بهذا الشأن، غير أن روسيا شرعت بحملات القصف في سوريا بعد يومين من المقترح الأمريكي.

الأمر الآخر وهو موقف روسيا: حيث أن بشار الأسد يمكن التخلي عنه بالنسبة لروسيا. أما بالنسبة لإيران فالأمر مختلف تمامًا؛ فلا يمكنها التخلي عن الأسد. أما بالنسبة لمسألة رحيل بشار الأسد وأي دولة ستستقبله، أجابت السلطات في موسكو: "أنها غير قادرة على استقباله في أرضيها؛ لأن الغرب سيتبع ذلك بالضغط عليها".

الميلاد الجديد لبوتين: عاش الرئيس الروسي مرحلة من العزلة بعد إلحاق شبه جزيرة القرم بروسيا، ولكنه جذب الرأي العام العالمي مجددًا بتفاعله مع الشأن السوري.

تقود تركيا مع التحالف الدولي المكون من عشر دول استراتيجيات قائمة على تمكين المعارضة السورية والحد من تقدم داعش على حساب المعارضة المعتدلة. ولكن يمكن القول إن خطة بشار الأسد تقوم على إفساح المجال لداعش التي ستهدد أمن العالم ككل بدلًا من المعارضة التي تسببت في تهديده لوحده.

الشروط المتعلقة بحزب الاتحاد الديمقراطي: بالتأكيد عارضت تركيا واستنكرت الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي بشكل قاطع. إذا كان الدعم الأمريكي قائمًا على أساس دعم منظمة إرهابية ضد منظمة إراهابية أخرى، إذن فالأولى أن تدعم جبهة النصرة التي تقاتل داعش بشكل أشرس. ولكن لماذا لا تقدم الدعم للنصرة؟ إذا تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي إلى غرب نهر الفرات وقام بتهديد أمن تركيا، ستقوم تركيا باستهدافه على جميع الأحوال.

تسعى تركيا لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولها إبعاد داعش عن حدودها. ثانيًا؛ إبعاد خطر وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي. ثالثًا؛ دعم الجيش السوري الحر وتدريبه وتجهيزه مع توقيع معاهدة تضمن فيها استمراره في محاربة داعش لا غير.

السؤال المطروح هنا؛ ممن يفر النازحون السوريون؟ حتمًا ستكون الإجابة أنه بفعل ممارسات القتل والتشريد التي يقوم بها الحزب الحاكم في سوريا.

خطة زعزعة الاستقرار في تركيا: فقدت هذه الأرض 400 ألف من مواطنيها سابقًا، والآن هناك أطراف تعمل على تحريك وإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية في تركيا. الأمر الآخر دخول رئيسة الوزراء الألمانية ميركل على الخط؛ وماذا سيضيف على الساحة من تطورات؟ بعد الأزمة السورية أصبحت هناك نظرة إيجابية من الدول الغربية نحو تركيا، فقد اكتشف الإتحاد الأوروبي مؤخرًا أن تركيا عنصر مهم في دعم استقرارهم وأيضًا صمام الأمان بالنسبة لهم.

لهذا السبب وخلال شهر ونصف فقط؛ جرت مباحثات وتماسات مباشرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي لم تحدث خلال سبع أو ثماني سنوات مضنية، فألمانيا يدخلها حوالي 7 آلاف لاجئ يوميًا في آخر ثلاثة شهور. حالة عدم الاستقرار من حول تركيا هذه؛ إما ستقف عند تركيا أو ستصل آثارها لأوروبا. وإن لم تكن تركيا جزءًا من الاتحاد الأوروبي فإن من المحتّم عليه في كل مرة وعلى جميع الحالات أن يتعامل معها.

وفي هذا الوقت بالذات قالت تركيا: لو كنا شركاء لتعدينا هذه المرحلة بسلام.

ثلاثة مليارات يورو: قام الإتحاد الأوروبي بتخصيص خمسين مليار يورو من أجل اللاجئين السوريين، منها ثلاثة مليارات يورو خُصصت لمساندة وتوفير ظروف أفضل للاجئين المتواجدين في تركيا، ولكنها ليست لتركيا بالطبع بل للاجئين على أراضيها.

حياة دون اتفاقية الشنغن: هناك جهود حثيثة تعمل باتجاه رفع تأشيرة دخول الأتراك لدول الشنغن، يبدأ العمل بها بداية من شهر تموز/ يوليو من العام القادم. لذلك ستستمر المباحثات والمفاوضات بين الطرفين بشكل أكبر وأسرع وستكون هناك نقاط أخرى للتفاوض عليها.

قبرص: بالرغم من صعوبة القضية القبرصية والمتعثرة منذ سنوات أصبحت أنقرة أكثر جدية في حل المسألة بشكل نهائي. فبحلول شهر آذار/ مارس من العام القادم ستكون هناك دولة مشتركة تحت رعاية هيئة الأمم المتحدة، لكن اليونانيين يتهربون من فكرة مشاركة الأتراك في قبرص. ويريدون من تركيا أن تبقى دائمًا على بُعد خطوة واحدة، ولكن إذا لم تنشأ دولة مشتركة حتى ذلك التاريخ، سينتقل الأمر لمباحثات جديدة لقيام دولتين بدلًا من مشروع دولة واحدة مشتركة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس