د. أحمد التويجري - صحيفة سبق الالكترونية

منذ بدأت الثورة السورية الأبية وروسيا تناصب الشعب السوري والشعوب العربية بل والإنسانية كلها العداء، وتساند بكل وقاحة وانعدام كامل للحياء نيرون العصر طاغية الشام وعصاباته الهمجية التي تأنف حتى الوحوش من جرائمها، فقد زودت الدولة الروسية البرابرة الطائفيين بكل أسلحة الدمار التي استخدموها في إبادة الشعب السوري أطفالاً ونساءً وشيوخاً، ودمروا بها المدن والأحياء وهدّموا البيوت على ساكنيها، بل وأمدتهم بالخبراء والمقاتلين، وقبل ذلك وبعده حالت في مجلس الأمن دون اتخاذ أي قرار ذي قيمة لردع نيرون العصر وزبانيته وأعوانه الطائفيين، ثم توجت كل ذلك السجل المخزي بإرسال طائراتها وبوارجها لقصف الأحرار والشرفاء من مقاتلي الثورة السورية حماية للسفاح يوم كاد أن يسقط نظامة الفاشي.
 
في غطرسة لا مثيل لها اخترقت قبل أيام إحدى المقاتلات الروسية الأجواء التركية ولم ترضخ للتحذيرات المتكررة التي أطلقها سلاح الجو التركي الأمر الذي نتج عنه إطلاق صاروخ من إحدى المقاتلات التركية أدى إلى إسقاط المقاتلة الروسية في خطوة دفاعية مشروعه حسب كل القوانين والأعراف الدولية، فقامت قيامة روسيا وكالت الاتهامات والتهديدات لتركيا في غطرسة أخرى تكشف عن مدى همجية القيادة الروسية التي لم تصح بعد من آثار الدوغمائية الشيوعية البائدة. 
 
من الواضح جداً أن الدب الروسي لم يستوعب الدرس الذي تلقاه في أفغانستان، ومن الواضح جداً كذلك أن القيادة الروسية تجهل أو نسيت أن إسطنبول كانت عاصمة الخلافة الإسلامية قروناً عديدة، وأن الجمهورية التركية دولة كبرى في منظومة الدول الإسلامية، وأن الحزب الحاكم في تركيا اليوم حزب إسلامي تمتد جذوره إلى أعماق التاريخ الإسلامي، وأن امتدادات التعاطف معه والتأييد له في أوساط الأمة تنتشر من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وأن الزعيم التركي المسلم السيد رجب طيب أردوغان زعيم تاريخي له مكانة سامية في قلوب المسلمين، كما تجهل أن أي اعتداء روسي على تركيا سيكون في حقيقة الأمر اعتداء على الأمة كلها، وأن ردة الفعل الإسلامية تجاهه ستكون أقوى وأعظم من ردة الفعل على الغزو السوفييتي لأفغانستان.
 
إن من أوجب الواجبات أن تهب الأمة كلها لنصرة تركيا، وأن تُسمع العالم أجمع صوتها المستنكر والمندد بالغطرسة الروسية، وإن من الواجب والمتوقع أن تدعو منظمة التعاون الإسلامي إلى مؤتمر قمة عاجل تُتخذ فيه قرارات حاسمة لدعم تركيا ومساندتها في جميع المجالات، وإن من أوجب واجبات العلماء والمفكرين والدعاة والمثقفين المسلمين التداعي لنصرة الشعب التركي والدولة التركية بكل السبل والقنوات المتاحة، وأن يقودوا حملة شاملة لتنوير الأمة بالواجبات الشرعية حيال التهديدات الروسية، وأن يحشدوا القوى والطاقات لمواجهتها.  
 
إن من المضحكات المبكيات أن تتهم روسيا الدولة التركية بدعم داعش وشراء النفط منها في حين أن كل ذي بصيرة يدرك أن داعش صنيعة استخباراتية للنظامين الطائفيين السوري والإيراني ولا يستبعد على الإطلاق أن تكون الاستخبارات الروسية شريكة لهما في ذلك، وإن من أعظم الأدلة على هذا أن روسيا التي زعمت وتزعم أن تدخلها في سوريا إنما هو لمواجهة داعش والمتطرفين لم يثبت أنها واجهت داعش أو أنها استهدفتها في غاراتها، وإنما الثابت الذي لا شك فيه هو أن من استهدفتهم روسيا بغاراتها وصواريخها هم الشرفاء من قوى الثورة السورية من أمثال الجيش السوري الحر والفصائل الإسلامية المتحالفة معه، كما أن من الثابت أن من يتولى تسويق النفط لصالح داعش هي شبكات المافيا الروسية في الدرجة الأولى.
          
إن ما تواجهه تركيا من هجمة ظالمة من قوى الشر والطغيان الملحدة والطائفية يوجب علينا جميعاً أن نقف معها بكل ما نملك، وأن نشعر القاصي والداني بأن المعركة التي يخوضها الشعب السوري المجيد، التي تقف فيها المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية ودولة قطر مع الحق والعدل، ليست معركة الشعب السوري وحده وإنما هي معركة وجود ومعركة هوية ومعركة كرامة للأمة كلها، وأن الأمة لن ترضى فيها إلا بالنصر المبين بإذن الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس