غولاي جوكتورك - جريدة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

لعل هناك صدمة يعانيها البعض من انكشاف الوجه الحقيقي لحزب الشعب الديمقراطي - الذي  تقلد شعارات "السلام والوئام وحرية المرأة والإنسانية والديمقراطية" قبل انتخابات الأول من حزيران/ يونيو الماضية - واتضاح أنه لا يعدو إلا أن يكون وجهًا لمنظمة إرهابية تعتبر هي الطابور الخامس الذي ينفذ الأجندة الحقيقية لهذا الحزب... إلا أنني لم أصدم من هذه الحقيقة...

كان هذا الحال الذي سيؤول إليه الحزب الحر الديمقراطي واضحًا منذ زمن بعيد. فلقد انتهى عمر هذا الحزب السياسي في اللحظة التي غيرت فيها منظمة بي كي كي قدر المفاوضات التي قادتها تركيا معها لترسيخ السلام المجتمعي بالدولة وربطت أجندتها بمصير" بشار الأسد" و فرص الاستقلال الذاتي التي تراءت بسوريا. وفى اللحظة التي اتخذت فيها هذه المنظمة هذا القرار فإنها قد غامرت بالانفصال عن فصيل الأكراد بتركيا والتضحية بمصالحهم في سبيل مصالحها بسوريا . ولعل هذا يعود تاريخه إلى أحداث كوباني...

ومنذ ذلك التاريخ استحالت ممارسة حزب الشعوب الديمقراطي لأي أنشطة سياسية داخل تركيا. وبالإضافة إلى هذه العوامل الخارجية فإن الهزة العنيفة التي أحدثها اتحاد المجموعات اليسارية ورد فعل الكتلة السياسية - القريبة لهذة المجموعات بالفطرة – لبنية هذا الحزب؛ قضت على الآمال المتبقية له تمامًا. ولعل منظمة بي كي كي  كانت تعلم عندما بدأت هجماتها الإرهابية داخل تركيا في مطلع تموز/ يوليو الماضي أنها تضيق بذلك الخناق على حزب الشعب الديمقراطي وتفقده السيطرة علي الأمور وفقد مشروعيته داخل الحياة السياسيه التركية؛ ولكنها لم تكن تعبأ بهذا تمامًا.

ولقد اتضح لنا جليًا عبر الفترات السابقة أن منظمة بي كي كي أو حزب الشعوب الديمقراطي مهما حاولوا توسيع دعم الكتلة المجتمعية لهم فإن هذة الدعم لن يكفي لإنشاء دولة مستقلة أو حتى لإنشاء منظقة أو أقليم مستقل يمكن أن يتحول لدولة مستقله مستقبلًا. فالأغلبية الكردية لا توفر له ذلك، وأقصى ما يمكن أن توفره هذة الأغلبية هو طلب الحصول على حكم مركزي وهذا ما لايمكن أن ترتضيه منظمة بي كي كي.

ومن ثم فلا جدوى من محاولة حزب الشعوب الديمقراطي ومنظمته من توسيع الكتلة المجتمعية الداعمة لهم. وعلى هذا فقد كانت محاولة حزب الشعوب الديمقراطي في حماية مشروعيته والفرصة الوحيدة لمنظمة بي كي كي لفرض نفوذها في جنوب شرق تركيا هي الحرب الدائرة بسوريا الآن والتي ستعيد تقسيم خريطة الشرق الأوسط من جديد. ولهذا فقد وضعت منظمة بي كي كي ميليشياتها العسكرية في خدمة نظام "بشار الأسد" وحلفائه بسوريا وعملت علي تعزيز وتوسيع الموقع التي اكتسبتها هناك على أمل أن يحالفها الحظ وتستطيع بمساعدة حلفائها السيطرة علي جنوب شرق تركيا بقوة السلاح ثم تضم مدينة كوباني إلى هذة الرقعة. وهكذا تتمثل تجربتها في إعلان الاستقلال الذاتي.

إلا أن رياح نتائج هذة التجربة جاءت بما لا تشتهيه السفن لهذا الحزب ومنظمته الإرهابية؛ فبعد ستة أشهر من حرب الخنادق التي بدأتها هذه المنظمة الإرهابية انفصل عنها وعن حزب الشعوب الديمقراطي التأييد المعنوي لغالبية الكتلة الكردية بالمجتمع التركي. وانخفضت أسهم حزب الشعوب الديمقراطي السياسية بشكل لا مثيل له من قبل. حتى أن إمكانية حصوله على نسبة خمسة بالمئة إذا ما أجريت الآن انتخابات في تركيا هو أمر مشكوكٌ فيه. فلقد صدمت هذه الغالبية من الكيفية التي تريدها منظمة بي كي كي للنظام الذي تنشده في ولايات جنوب شرق تركيا؛ لدرجة لا تجعلنا نندهش إذا ما رفضت هذة الغالبية المحاولات الرامية لتقوية فكرة نظم الحكم المحلية فيما بعد.

ولعل هذه الخسارة الفادحة  لهذا الحزب ومنظمته الإرهابية هي التي تفسر لنا اليوم بدء حديث "صلاح الدين دميرطاش" عن إنشاء دولة مستقلة للأكراد دون أية خجل وذهابه من بعد إلى روسيا للمقايضة على ذلك دون أن يضع فى اعتباره حالة الاحتقان الحالية  لدى الرأي العام بتركيا ضد هذه الدولة.

فلم يعد لدى هذا الحزب ومنتسبيه ما يجعلهم يتوارون بعد هذه اللحظة. ولعلهم يعيشون الآن "حرية" لا حد لها بعد أن فقدوا دعم الكتلة المجتمعية المناصرة لهم. تلك الحرية التى جعلتهم لا يتوانون عن الإفادة ولأول مرة  بكل ما يدور بداخلهم وبشكل علني دون أدنى قلق.

حتي أنهم سيصبحون في غاية السعادة إذا ماتسببت التصريحات التي يطلقونها في غلق حزبهم. على أمل أن يروجوا خارجيًا لفكرة "سحب البساط من تحت أرجلهم لممارسة حقوقهم السياسية  بتركيا" ومن ثم البحث عن الدعم الخارجي في حربهم الاستقلالية التي يسعون لها داخل تركيا.

عن الكاتب

غولاي غوك تورك

كاتبة في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس