جلال سلمي - خاص ترك برس

منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية، وتركيا تحاول بذل كافة جهودها لإيجاد حل جذري وسريع لها، لحلها بشكل يخدم مصالح الشعب السوري الذي خرج عن بكرة أبيه مطالبًا برحيل نظام الأسد المستبد والحصول على الحرية التي يطمح إليها والتي انطلق من أجلها.

ولكن تحولت الثورة العادلة إلى حرب داخلية، ومع مرور الوقت تحولت من حرب داخلية إلى ميدان للتحديات الدولية، حيث تحاول كافة الأطراف فرض خططها المنسجمة مع مصالحها في سورية، متغاضية عن المعاناة الإنسانية الصعبة التي مر وما زال يمر بها الشعب السوري منذ انطلاق ثورته وحتى الآن.

وتحاول تركيا إلى الآن لملمة جراح الشعب السوري واستضافته، لإثبات موقفها الداعم بشكل مطلق لثورته التي وصفها المسؤولون الأتراك، في أكثر من تصريح صحفي، بأنها ثورة شعبية عادلة.

وازدادت المعاناة الإنسانية التي يمر بها الشعب السوري، عقب التدخل الروسي الجوي والبري والبحري إلى جانب نظام الأسد، إذ ارتفعت معدلات القتلى والجرح واللاجئين الفارين من نيران الاستهداف الروسي الذي يركز نيرانه على بيوت المدنيين.

وفي ظل ازدياد تدفق اللاجئين الفارين من حلب واللاذقية وقراهما المحيطة إلى تركيا، طالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات الأمريكية المُتحدة من تركيا فتح حدودها أمام اللاجئين، وشكل اكتفاء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات الأمريكية المُتحدة بطلب ذلك من تركيا، حالة من الاستفزاز والانزعاج الشديدين لدى تركيا.

وردًا على هذا الطلب، صرح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بالأمس، الأربعاء، 10 شباط/ فبراير 2016، في اجتماعه الدوري مع المخاتير، بأن هذا الطلب مُستفز لغاية، مبينًا أن تركيا لا تحتاج إلى من يدعوها إلى فتح حدودها أمام المحتاجين، فتركيا منذ انطلاق الثورة السورية وحتى الآن تتبع سياسة "الباب المفتوح" أمام ضيوفها السوريين، ولن تغير هذه السياسة إطلاقًا مهما كانت نوعية الأوضاع التي تحيط بتركيا.

وأضاف أردوغان مؤكدًا أن تركيا صرحت أكثر من مرة بأن الأمم المتحدة مؤسسة "عاجزة" عن إيجاد حلول جذرية للقضايا التي يعاني منها العالم، مشيرًا إلى أن عوضًا عن مطالبة الأمم المتحدة وغيرها تركيا بفتح حدودها للاجئين السوريين، عليهم أن يجدوا حلًا جذرية للثورة السورية التي ما زال شعبها يعاني الكثير منذ 5 أعوام، فالقضية السورية لا تحل بفتح تركيا أبوابها للاجئين السوريين المتدفقين بالآلاف إليها، نتيجة لاستهداف روسيا لبيوت المدنيين العُزل، بل تُحل من خلال إيقاف "الغطرسة" الروسية عند حدها.

وكما ألمح الباحث السياسي "تونجا بانجين"، في مقاله "لماذا لا تقول الأمم المتحدة لروسيا "قف" بدلًا من أن تطالب تركيا بفتح حدودها"، نُشر في صحيفة "ملييت"، بتاريخ 11 فبراير 2016، إلى أن الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات تشجع روسيا ونظام الأسد على ارتكاب المزيد من الجرائم وعمليات التهجير، حيث سيصبح هذان الطرفان يقولان "لنفعل ما نشاء، فتركيا تستقبل الجميع"، وهذا ما يخدم مصالح الطرفين، حيث يسعيان إلى تشكيل منطقة عازلة على طول الحدود التركية الروسية.

وهذا ما جعل أيضا ً الكاتب السياسي "فدات بيلجين" يعبر، في مقاله "الرابح في سورية"، نُشر في صحيفة "أقشام"، عن استغرابه الشديد من دعوة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا تركيا إلى فتح حدودها، المفتوحة أصلًا، أمام اللاجئين السوريين الهاربين من ويلات النار الروسية وحليفها "نظام الأسد"، ويتساءل بيلجين عن تغاضي الأطراف المذكورة عن استنكار استهداف روسيا للمخيمات المقامة بالقرب من الحدود التركية حتى.

الأمم المتحدة لا يمكن لها إيجاد حل عادل لقضية السوريين بشكل جذري إطلاقا ً، لأن أي قرار يصدر من خلالها يستدعي الموافقة الروسية، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق، ويبدو أنه لا يوجد حل للقضية السورية سوى الحل العسكري الذي يمكن أن تسطره تركيا وبعض الدول الخليج العربي مع قوات المعارضة.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس