عاكف إمره - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

لا شك أنّ التعامل مع الملف السوري سيشكل العامل الرئيسي في تحديد السياسة الخارجية التركية خلال المرحلة الجديدة، والعامل الآخر يتمثل بالأبعاد الاقتصادية والاستراتيجية للتفاهمات مع إسرائيل.

أصبحت الحرب الأهلية في سوريا، والأحداث الدموية التي تجري هناك، من المسائل الداخلية التي تخص تركيا، ولم تعد فقط ملفًا يشغل بال السياسة الخارجية. كما أنّ الملف السوري ملف وأزمة إنسانية.

يجب حل الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن، ليس من أجل الوصول إلى نتائج سياسية لهذا الطرف أو ذاك، وإنما من أجل إيقاف شلال الدم، ونزيفه، وإيقاف الفوضى والموت، كما أنّ الأزمة السورية لم تعد أزمة سياسية داخلية، بل إنها أصبحت مسألة تؤثر على تركيا بصورة مباشرة.

انزعج الأوروبيون من أزمة اللاجئين، وهذه الأزمة مصدرها الأساسي من سوريا. الأوروبيون اعتقدوا بأنّ بإمكانهم البقاء بعيدا ومتابعة الأوضاع عبر شاشات التلفاز، لكنهم اليوم يُدركون بأنّ المسألة السورية أصبحت مسألة دولية، وذلك بعدما تدفق اللاجئون وزحفوا إلى حدودهم.

تحوّل موقف تركيا في سياستها تجاه سوريا، واختيارها التقارب مع المحور الروسي الإيراني، يحمل دلالات هامة، لأنّ تركيا وقفت إلى جانب قوى غير إقليمية في سوريا، حتى لو أنها لم تتدخل في سوريا بصورة مباشرة، وربما سبب ذلك إلى أنّ الغرب لم يقدّم لحليفته تركيا ما كانت تنتظره وتتوقعه منهم.

أنقرة كانت دوما منزعجة من الموقف الغربي الذي لم يُبدِ أي اهتمام حيال مصادر القلق لتركيا، بل إنهم روجوا في إعلامهم بأنّ تركيا تقف إلى جانب إرهاب داعش، وتركوا تركيا وحدها للتعامل مع أزمة ملايين اللاجئين المتدفقين إلى تركيا وتقديم المساعدات الإنسانية لهم، لكن هذا ربما لم يكن كافيا لابتلاء تركيا، بل أضف على ذلك التفجيرات الإرهابية التي بدأت تنتشر في المدن التركية، التي تشبه التفجيرات التي تحصل في بغداد وبيشاور. وهذا الأمر يجعل تركيا مُجبرة على إيجاد الحلول بصورة سريعة قبل أنْ تمتد هذه الأعمال الإرهابية وتؤثر على أمن وأمان مواطنيها.

اهتز المشهد الداخلي في تركيا بعد المحاولة الانقلابية، لكن حجم الخطر القادم من الوضع في سوريا كبير، ولذلك يجب التعامل بواقعية أكثر، وإيقاف شلال الدم، والتقارب والبحث على حلول مع الأطراف المباشرة مثل روسيا وإيران، وفتح باب المناورة في العلاقات مع الغرب، طبعا بدون مبالغة، والتحرك ضمن الأطر الدبلوماسية من أجل إنهاء الأزمة السورية.

عن الكاتب

عاكف إمره

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس