بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

بينما يحمى وطيس الحرب في إدلب، تتجاوز المعاناة الإنسانية كل الحدود. تخوض تركيا معركة على طاولة المفاوضات وفي الميدان، ولهذا تواصل تحركاتها الدبلوماسية وتعزيزاتها العسكرية إلى إدلب. 

قُتل أكثر من 1800 مدني ونزح إلى حدودنا مليون و800 ألف. تحرك الجيش التركي مع المجازر الأخيرة وموجة النزوح، وتمركز جنوب وشرق إدلب ليكبد قوات الأسد خسائر كبيرة. 

من الواضح أن تركيا لن تقف عند هذه الحدود، في حين تطلب روسيا إبرام اتفاقية جديدة وفق الوضع الحالي. 

بيد أن قوات النظام التفت على 6 من نقاط المراقبة التركية الاثنتي عشرة في الوضع الحالي.وتمكنت من الاستيلاء على المدن الهامة الواقعة في إدلب على الطريقين البريين الواصلين بين اللاذقية وحلب ودمشق وحلب. 

وتريد روسيا أن تخضع المناطق شرق وغرب وجنوب الطريقين المذكورين للأسد. 

***

بيد أن موسكو في غاية القلق بسبب التعزيزات العسكرية التركية من جهة والدعم الأمريكي المعلن لأنقرة من جهة أخرى. 

كشفت العملية التي تنفذها تركيا في إدلب العقلية القذرة المشتركة بين روسيا والولايات المتحدة، كما أنها أحبطت المشروع الروسي الرامي إلى ارتكاب مجازر ضد 4 ملايين شخص في إدلب لإجبارهم على النزوح منها. 

لكن علينا ألا ننسى بأن خطط الإبادة الروسية في إدلب تستند إلى السيناريو الأمريكي في الرقة. والبيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية بمثابة دليل صريح على ذلك..

"الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لتركيا في إدلب هو وقاحة بكل معنى الكلمة. أدانت الولايات المتحدة في السابق العمليات العسكرية لتركيا وهددت بفرض عقوبات عليها. عندما كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يحاربون الإرهاب في الرقة سووا هجين والباغوز بالأرض. لم يتحدث حينها أحد عن وقف إطلاق النار".

***

كل شيء في غاية الوضوح. المنطق الروسي للعملية في إدلب يستمد وجوده من استراتيجية الإبادة الأمريكية. فروسيا تتخذ من الولايات المتحدة قدوة لها، وتعتبر نفسها تخوض حربًا عادلة ضد الإرهاب. 

ولهذا فهي تعتبر من ينتقدونها داعمين للإرهاب. إن لم تتدخل تركيا فإن روسيا والنظام السوري سيدمران إدلب كما فعلت الولايات المتحدة في الرقة. 

لأن جميع سكان إدلب بالنسبة إلى روسيا، بما فيهم النساء والأطفال، هم من الإرهابيين أو المعارضة الموالية للقاعدة. هذه هي حقيقة إدلب في اللاوعي الروسي. 

لذلك فإن تركيا لا تقاتل قوات النظام المجرمة فحسب، وإنما تخوض حربًا ضروسًا ضد العقلية القذرة لفلاديمير بوتين الواقع في براثن متلازمة العنصرية الأمريكية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس