ديفيد إغناتيوس - واشنطن بوست - ترجمة وتحرير ترك برس

عشية لقاء الرئيس أوباما بالقادة العرب لمناقشة أمن منطقة الشرق الأوسط، ربما تعطي التطورات في سوريا دفعة لحملة المعارضة للإطاحة بالأسد.

علاقة العمل الجديدة بين المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، الداعمون الأساسيون للثوار في شمالي سوريا، ساهمت في اندفاع المعارضة في سوريا. ولا يخفى أن هذه الدول كانت على خلاف منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، وقد أصابت خلافاتهم الداخلية وحروبهم بالوكالة المعارضة بالوهن. وعلى العكس من ذلك، أعطى تحالفهم الجديد دفعة جديدة للمعارضة وأدى إلى تحقيقها مكاسب كبيرة على أرض المعركة.

يبدو أن الشراكة بشأن سوريا أُبرِمت بوساطة جزئية من قبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الزعيم الخليجي الذي يملك العلاقات الأفضل مع تركيا. كما يبدو أن التقارب يعكس تغيرا في السياسة من قبل الملك سلمان، الملك السعودي الجديد الذي أخذ بلاده نحو تعاون أقرب مع قطر وتركيا بعد سنوات من العداوة في عهد سلفه، الملك عبد الله.

ساهمت الدول الثلاثة بتشكيل تحالف جديد للمعارضة يدعى جيش الفتح، وذلك من خلال ضخ أسلحة للثوار السوريين عبر الحدود التركية، وقد حقق جيش الفتح مكاسب كبيرة خلال الشهرين الماضيين في محافظة إدلب ومناطق أخرى في الشمال الغربي. فيما يبدو جيش النظام، الموالي لبشار الأسد، منهكاً بعد أربع سنوات من القتال ولم يعد قادرا على الاحتفاظ بمساحات من الأرض المتنازع عليها.

لا يمكن فصل الصعوبات التي يواجهها الأسد عن الوضع في الشرق الأوسط بسبب اعتماده على إيران. ففي الوقت الذي سعت فيه الولايات المتحدة إلى اتفاقية نووية مع إيران، تحرك الحلفاء العرب لتحدي إيران ووكلائها بشكل أكبر، بداية من عبر التدخل العسكري ضد الحوثيين المدعومين إيرانيا في اليمن والآن من خلال السياسة الأكثر جرأة في سوريا. تواجه إيران وحلفاؤها الشيعة ضغطا كبيرا من السنة، يمكن وصفه بأنه يُفرض للمرة الأولى منذ عقود.

هناك إشكالية أخرى هي أن الثوار قاتلوا جنبا إلى جنب مع جبهة النصرة، المرتبطة بالقاعدة. قالت مصادر يوم الثلاثاء إن من المتوقع أن يعلن فصيل جبهة النصرة في الأيام القادمة انفصاله عن القاعدة والتحاقه بجيش الفتح. وفي حال حدوث ذلك فإننا ربما نشهد نقطة تحول في الشمال، بتحالف ضد نظام الأسد والدولة الإسلامية. إسرائيل والأردن بدورهما أوجدتا اتصالات سرية مع أعضاء من جبهة النصرة على امتداد حدودهما.

أمر آخر قد يؤدي إلى تغيير اللعبة هو استعداد الولايات المتحدة لدعم منطقة حظر طيران على امتداد الحدود التركية السورية. هذا الممر الآن في حال دعمه من قبل الولايات المتحدة قد يسمح بعودة بعض اللاجئين إلى منازلهم، ويوفر في الوقت نفسه قاعدة لانطلاق هجوم متوقع من قبل الجيش السوري الجديد المدرب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، الذي تم تشكيل وحداته الأولى في وقت قريب، ضد عاصمة الدولة الإسلامية في الرقة.

الدور الروسي سيكون هاما في الدراما السورية المتطورة. أجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري زيارة لروسيا هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع الرئيس فلاديمير بوتين تضمنت دورا روسيا محتملا في الانتقال السياسي بعيدا عن نظام الأسد. وقد قاوم بوتين طويلا أي صفقة قد تضع رحيل الأسد شرطا مسبقا لمحادثات السلام، إلا أن موقفه ربما بدأ يضعف.

محاولات لصقل زعامات علوية في ظل تدهور نظام الأسد

تعاونت قطر والسعودية وتركيا في محاولة صقل قادة جدد من الأقلية العلوية التي ينحدر منها الأسد قد تقود البلاد خلال الانتقال. تسارعت هذه الاتصالات في الأيام الأخيرة، على الرغم من محاولات النظام لتحطيم أي منافس علوي.

موقف الأسد آخذ في الهبوط بشكل حاد. آخر المؤشرات على ذلك كانت إخضاع علي مملوك للإقامة الجبرية في مسكنه بدمشق، وهو أحد قادة الاستخبارات من الدائرة الضيقة.  وذلك بعد موت رستم غزالة مؤخرا، أحد قادة استخبارات الأسد.

انعكاسات إيجابية محتملة على ليبيا

ربما يساهم دور قطر في تشجيع التقارب التركي السعودي كذلك بتحسين الوضع في ليبيا. حيث دعم القطريون والأتراك "فجر ليبيا" المتفرع عن الإخوان المسلمين، في حين وقف السعوديون والمصريون والإماراتيون وراء برلمان طبرق وقوات تحالف الجنرال خليفة حفتر. إلا أن مصادر ذكرت أن فجر ليبيا وافق على التعاون مع حفتر في قتال متطرفي الدولة الإسلامية. ويعتقد أن السعوديين يدعمون بشكل مؤقت مفاوضات الوسيط الأممي في المغرب لتشكيل حكومة انتقالية ليبية.

محادثات أمريكية خليجية في واشنطن

وفي إطار مواجهة الخلفية الإقليمية الهائجة وسريعة التغير هذه، من المقرر أن يعقد أوباما محادثات مع قادة دول الخليج يوم الأربعاء في البيت الأبيض وفي اليوم التالي في منتجع كامب ديفيد. وسيكون أرفع المسؤولين الخليجيين الذين سيحضرون المحادثات أمير قطر ونظيره الكويتي، بسبب غياب الملك سلمان وعدد من القادة الآخرين. بعد أربع سنوات من الانسداد الدامي ف يسوريا، سيكون بإمكان القادة على الأقل أن يناقشوا إمكانية التغيير.

عن الكاتب

ديفيد إغناتيوس

كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس