ترك برس

أعادت موجة الثلوج التي اجتاحت إسطنبول، قبل أيام، الجدل حول الجهة التي تدير المدينة بشكل أفضل من ناحية الخدمات البلدية، حيث قارن مواطنون أداء البلدية الحالية برئاسة أكرم إمام أوغلو المنتمي لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، وبين خلفه قدير طوبّاش (من حزب العدالة والتنمية الحاكم) الذي واجه أزمة ثلوج مشابهة عام 2017.

يأتي ذلك في استمرار للجدل الذي أثارته موجة ثلوج إسطنبول، التي بدأت مع مساء الأحد الماضي واشتدت وتيرتها مساء الاثنين، ما أدى إلى إغلاق الطرقات، وتعطل السيارات، وحوادث السير المتسلسلة في الشوارع، واضطرار أعداد كبيرة من المواطنين إلى قضاء الليلة الأولى من العاصفة في الجوامع والمكتبات العامة والمراكز الخدمية ومؤسسات البلديات الفرعية المختلفة، التي تحولت إلى مراكز إيواء.

وبقدر تراكم الثلوج التي عطلت الحياة في المدينة رسميا لـ3 أيام، تعالت الأصوات في تقييم أداء البلدية وفعاليتها في التعامل مع الأزمة على المستويين السياسي والشعبي، حيث تبادلت أحزاب الحكومة والمعارضة في تركيا الاتهامات حول مسؤولية تأثيرات العاصفة الثلجية على المدينة الكبرى، التي يقطنها أكثر من 16 مليون نسمة.

وتجلى الجدل في ملاسنات بالتصريحات، أو من خلال مواقف عملية للفريقين بدت جلية مع توجيه الرئيس رجب طيب أردوغان لوزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير المواصلات والبنى التحتية عادل قرا إسماعيل أوغلو، ورئيس مجلس إدارة الكوارث "آفاد" يونس سيزر، إلى إسطنبول، في خطوة أظهرها أنصار الحكومة كمحاولة لإنقاذ المدينة من العجز الذي أبدته البلدية في التعامل مع الأزمة، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."

وعززت قرارات والي إسطنبول علي يرليكايا -من حزب العدالة والتنمية الحاكم- المتعلقة بتعليق الدوام وحظر تنقل المركبات الخاصة وفتح دور الإيواء ومنع مركبات خدمة التوصيل من العمل وحظر التنقل بالدراجات النارية والهوائية والسكوتر؛ من صورة إمساك الدولة بهيئتها الحكومية بشؤون المواطنين الذين افتقدوا كاسحات الثلوج وآليات البلدية في يوم العاصفة الأول.

وقارن الأتراك بين أداء إمام أوغلو وأداء رئيس بلدية إسطنبول السابق قدير طوباش، الذي أدار أزمة الثلوج الكثيفة في عام 2017، مطالبين رئيس البلدية بالاستقالة، بعد ما وصفوا أداءه بـ"الفشل الذريع".

وقال عدد من المغردين إن طوباش كان يعمد لتوزيع كاسحات الثلوج في شوارع المدينة قبل العاصفة وإقامة مراكز طوارئ ميدانية للتدخل في أحيائها، ويعمد إلى رش الملح في الشوارع في وقت مبكر من العاصفة الثلجية، وينسق مع الدوائر الحكومية لتعليق العمل والدوام قبل العاصفة، لتقليل الضغط على الشوارع وتسهيل العمل على فرق البلدية.

ومما زاد من سخط سكان إسطنبول تجاه "إمام أوغلو" هو اجتماعه في ذروة العاصفة الثلجية، مساء الاثنين، مع السفير البريطاني لدى أنقرة في مطعم شهير للأسماك في مدينة إسطنبول.

وظهرت فيديوهات لمواطنين علقوا في الشوارع في نفس الوقت، وهم يصرخون موجهين النقد لإمام أوغلو، وقال أحدهم صارخا "تركت السيارة معطلة في الشارع، علي أن أمشي في هذا الثلج 12 كيلومترا، مشيت حتى الآن 5 كيلومترات في الثلج، شكرا سيدي الرئيس أكرم إمام أوغلو، كل شيء أصبح جميلا"، في تعليق على شعار حملة إمام أوغلو لانتخابات البلدية التي كانت تحت عنوان "كل شيء سيصبح جميلا".

وعلق أنصار لرئيس البلدية على الصورة بتكذيبها أول الأمر، ثم انبرى إمام أوغلو للتعليق على الصورة بالقول إنه أخذ ساعة استراحة لتناول الغداء بعد 19 ساعة من العمل في الميدان، وإن استضافة السفير الذي حضر بطبيعة الحال من أنقرة كانت مجدولة على برنامجه منذ 25 يوما.

ورد إمام أوغلو بهجوم معاكس على أنصار حزب العدالة والتنمية في تغريدة له على تويتر قال فيها "لم يستطيعوا هضم الخسارة التي تكبدوها قبل 3 أعوام"، في إشارة لفوزه على مرشح الحزب بن علي يلدرم في انتخابات بلدية إسطنبول عام 2019.

وظهر إمام أوغلو في حديث تلفزيوني لاحق مقدما اعتذاره لأهالي إسطنبول عن أداء البلدية وقال "لقد كان الثلج كثيفا بشكل نادر الحدوث على مدى أعوام". مضيفا "أعتذر للمواطنين الذين علقوا في الطريق وتأذوا، لكننا قللنا من الازدحام وقضينا على المشكلة خلال وقت قصير".

وخلال أيام العاصفة تصدرت وسوم متعلقة بأداء الحكومة التركية وبلدية إسطنبول تجاه العاصفة في موقع تويتر، فقد توجه أنصار أكرم إمام أوغلو للدفاع عن أداء البلدية عبر هاشتاغات تبرز الشدة الاستثنائية للعاصفة مثل وسم (Boylesini Hic Gormemistik) والذي يعني "لم نر من قبل مثل هذا"، ووسم "فندق" (Otel) الذي انتشرت عليه صور للعالقين في مطار إسطنبول، وقد افترشوا أرضه وممراته بعد تعليق الرحلات الجوية بسبب العاصفة الثلجية.

كما نشر معارضو أكرم إمام أوغلو وسوما أخرى تصدرت الترند في تركيا منها "سمك" (Balik) ووسم "لا يوجد ملح" (Tuzyoktuz) الذي سخروا فيه من تصريحات لأكرم إمام أوغلو قال فيها إن البلدية لا تواجه مشكلة في مخزون الملح الذي يرش على الشوارع ليزيد من خشونتها ويقلل من الانزلاقات التي تنجم عن تراكم الثلوج.

وفي رد ساخر على تصريحات أكرم إمام أوغلو، قال وزير الصناعة التركي مصطفى فارناك إن رئيس البلدية قام بتمليح السمك في المطعم الذي زاره خلال العاصفة الثلجية بدلا من تمليح الشوارع، فيما علق مراد أونغون الناطق باسم البلدية على قضية الملح بالقول إن بلدية إسطنبول استخدمت 41 ألفا و680 طنا من الملح وإن مخازن البلدية تحتوي على 150 ألف طن للاستخدام.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!