وداد بيلغن – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

هل وصلنا إلى نهاية مرحلة رسم الحدود التي تم رسمها بالقلم والمسطرة بعد تفتت الإمبراطورية العثمانية؟ من المؤكد أننا وصلنا إلى نهاية مرحلة، وما الدماء المراقة في المنطقة إلا نتاج تصفية حسابات دنيئة، وعلينا تقييم ما جرى مؤخرا في تل أبيض السورية من هذا الباب أيضا.

عندما قامت بريطانيا قبل مائة عام بإعادة رسم النظام العالمي بتحطيمها للإمبراطورية العثمانية، قررت أنْ تبقى تركيا بدون أي عناصر وموارد هامة قد تعزز قوة ونفوذ تركيا مثل البترول، وقد ساهموا بنزع أي نفوذ لتركيا على الأراضي التي كانت تسيطر عليها، وجعلوا حدودها بحيث تضم القومية التركية، وفصلوا الموصل عن تركيا أيضا.

أصبحت هذه الحدود التي رُسمت قبل مائة عام، لا تستطيع احتواء الناس الذين يعيشون ضمنها، والأحداث الجارية حاليا ما هي إلا انعكاس لنفور الناس من هذه الحدود، وكان للسياسة الغربية برسم الحدود حسب القوميات، ووضع أنظمة حُكم تابعة لهم تدير شؤون تلك الشعوب، أثرا بارزا في وجود نزاعات مستمرة بين الشعوب والأنظمة الحاكمة، ووصلت في نهايتها إلى ثورات شعبية عمت ربوع المنطقة.

وعندما أرادت الشعوب تطبيق الديمقراطية في بلادهم، شعر الغرب بقُرب خروج شعوب المنطقة عن سيطرتهم، وخصوصا بعدما وصل بعض السياسيين فعليا إلى الحُكم كما جرى في مصر، وهنا يعتقدون هم أنّ تركيا التي كانت تخدمهم على مدار أعوام طويلة مضت، أصبح لها دور بارز في محاولات خروج شعوب المنطقة عن سيطرتهم، وخصوصا إذا نجحت من التخلص الكلي من طوق الوصاية الغربية، الذي كان نتاج 13 عاما من جهد حزب العدالة والتنمية، ولهذا لم يرض الغرب عما تقوم به تركيا في المنطقة.

ماذا يريد الغرب؟

أكثر المشاكل التي عانت وتعاني منها تركيا منذ 30 عاما، هي المشكلة الكردية، والتي حولوها إلى جملة من الأعمال الإرهابية، ولهذا واجهت تركيا ذلك بحزم، وقررت البدء بعملية سلام ومصالحة وطنية مع الأكراد، لإنهاء الأعمال الإرهابية من جهة، ولعمل إجراءات وإصلاحات ديمقراطية في الدولة التركية من جهة أخرى، وقامت بعد ذلك بالتحالف مع أكراد العراق.

لم يتحمل الغرب مرارة حقيقة سحب البطاقة الكردية من يده، ولهذا حرص على إبقاء نظام الأسد، لتتشكل حينها مجموعات مسلحة إرهابية، هدفها زعزعة الأوضاع في تركيا وفي شمال العراق، وبذلك يريد الغرب فعليا إعادة رسم الحدود السياسية في المنطقة، فكيف سيكون ردنا على ذلك؟

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس