بريل ديدي أوغلو – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

نشرت ويكيليكس هذه المرة وثائق سرية متعلقة بالسعودية، لكن معظم تلك الوثائق من غير المعروف توقيتها، بعضها فقط زمانها معروف، وهذا يعني أنها ليست مهمة، بمعنى أنّ الأهم فيها هو ما قيل وما تم، وليس توقيته وزمانه.

تحمل الوثائق السرية المسربة عن اللقاءات السعودية علامات استفهام حول طبيعة العلاقات السعودية الأمريكية، فالولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى كسب إيران وإلى جذبها إلى النظام العالمي، وتستخدم الملف النووي كوسيلة لذلك، وعلينا التأكيد بأنها تسعى لذلك بهدف إبعاد إيران عن روسيا.

لكن لا يوجد أي شيء غريب في هذا القسم، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تتخذ موقفا سريا مخالفا لما هو معلن، وهذا يعني أنّ الهدف من نشر هذه الوثائق هو ليس فضح التقارب الأمريكي الإيراني، وإنما تشير الوثائق إلى أنّ عملية التقارب هذه قد بدأت في عهد أحمدي نجاد، وما يلفت الانتباه هو أنّ هذه العملية لم تستمر في عهد نفس الاسم، وإنما انتظرت الولايات المتحدة الأمريكية حتى تغيير رئيس الجمهورية الإيرانية، وهذا هو المهم.

الإعلان عن المعلوم

تدل الوثائق على أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تقدم الدعم اللامشروط لحلفائها الكلاسيكيين كما كان في الماضي، فسياسة نظام أوباما تختلف عن سابقيه في التعامل مع إسرائيل والسعودية، وهذا ما بدا واضحا من خلال الانتقاد المستمر من قبل أمريكا لإسرائيل بسبب عدم مضيها نحو السلام، وكذلك انتقادها للسعودية بسبب دعمها لمنظمات إسلامية إرهابية.

تتهم الولايات المتحدة الأمريكية المملكة العربية السعودية بأنها تسعى إلى إلحاق ضرر بعلاقة أمريكا بإيران من خلال الحرب التي تقودها في اليمن، وبأنها تدعم المنظمات المتطرفة في سوريا والعراق من أجل الترويج "لمعارضة معقولة" لتكسب ود أمريكا.

عدم ثقة الولايات المتحدة الأمريكية بحلفائها القدامى، وبحثها عن حلفاء جدد في المنطقة، أدى إلى زيادة العلاقة بين روسيا وكلا من إسرائيل والسعودية، وتشير الوثائق إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تدرك ذلك، وتعمل على إرساء لعبة جديدة بحسابات جديدة، وهذه الحسابات بدت واضحة وجلية في المعلومة التي تشير إلى أنّ المملكة العربية السعودية قد دفعت رشوة للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك لترك الحُكم، وهذا يعني أنّ السعودية لا تتعامل مع هموم ومشاكل الشعوب، وإنما مع زعماء الأنظمة الدكتاتورية، وهذا يوحي بأنّ السعودية ليست مجرد دولة مسالمة هادئة في وسط العالم العربي والإسلامي.

التوقيت هام

الوثائق التي سُرّبت عن السعودية هي إعلان عن المعلوم، لكن وجود اسم تركيا وسط هذه الوثائق أمرٌ هام، فالرسالة التي يريدون إيصالها من خلال نشر هذه الوثائق معروفة، وهي أنّ تركيا كانت تعمل وسيطة من أجل التقارب الأمريكي الإيراني، أو بمعنى آخر، يريدون لتركيا أنْ تكون وسيطا في قطع العلاقة الإيرانية الروسية، وهذا يعني أنّ تركيا لا تتخذ سياسة سنية في التعامل مع ملفات الشرق الأوسط، وهذا يعني أيضا أنّ تركيا هي الوحيدة القادرة على ضبط الاستقرار بين السنة والشيعة في المنطقة.

وبكل تأكيد تضم الوثائق عدة معلومات ورسائل هامة متعلقة بالسعودية، من هذه الرسائل أولا، هو أنّ ما يجري في الساحة نزاع بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والدول الأخرى هي عبارة عن أدوات فقط.

أما الرسالة الثانية، فهي أنّ دعم الزعماء للمنظمات المتطرفة التي تدعي أنها ضد الغرب، الهدف من هذا الدعم هو توجيه رسالة مبطنة للغرب مفادها إما نحن أو المتطرفون.

عن الكاتب

بريل ديدي أوغلو

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس