عثمان جان – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

السيادة هي أهم ركيزة لقوة الدولة، فعندما تكون الشعوب هي الحاكمة، تستطيع ممارسة الديمقراطية بصورة سليمة، ولا يوجد أي فائدة لوجود نص "السيادة للشعب" في دستور أي دولة، ما دامت غير ديمقراطية، وحينها تحدث الانقلابات، أو يُعدم رئيس الجمهورية.

يوجد ثلاثة مؤشرات لتحقيق السيادة التي تقود الدولة إلى بر الأمان، الأول هو سلطة إنشاء القوانين، وهذا ما نسميه بسلطة التشريع، والثاني يتمثل بسلطة القضاء، وأما الثالث فهو السلطة التنفيذية، وهذه الأخيرة، تعني القوة التي تحدد سياسة الدولة، وتوفير الأمن، وتحسين الاقتصاد، يعني باختصار، هي سلطة إدارة الدولة.

والعلاقة بين السلطات الثلاث، يحدد مصير الدولة، فعدم وجود فصل بين السلطات في القوانين الفرنسية القديمة، جعل المفكر الفرنسي مونتسكيو يقدّم للعالم مقترحا بفصل العلاقة بين السلطات الثلاث، لأنّ وجود هذه السلطات بيد واحدة، سيعني عدم وجود شيء اسمه "حرية".

حتى تكون الحرية موجودة، يجب على الحكومة أنْ تمنع أحد مواطنيها من تخويف مواطنٍ آخر، ولهذا كان مونتسكيو يدافع أيضا عن ضرورة أنْ تكون القوة التنفيذية بيد شخص واحد، وإلا فلن تُدار الدولة كما يجب، حينما تكون السلطة التنفيذية بيد أكثر من شخص.

الفصل بين السلطات، أصبح من الدلالات الثابتة لأي نظام ديمقراطي، وذلك بعد وقوفها في وجه الأنظمة التي كانت فوق القانون ولا تحاسب ولا تراقب، فالنظام الذي يوازن بين السلطات التنفيذية والسلطة القضائية والتشريعية، هو نظامٌ يكون تحت تصرف الأشخاص والمواطنين، ويضمن لهم حقوقهم وحرياتهم.

بينما الوضع في النظام البرلماني يختلف، فحتى لو كان يتحدث عن فصل الصلاحيات، إلا أنّ ذلك لا يعني تحقيق توازن بينهم، بالقدر الذي يعني تحقيق تعاون في أعمالهم، وفي الحياة السياسية العملية، لا يوجد فصل حقيقي بين السلطات الثلاث في النظام البرلماني.

بينما الأمر مغاير في النظام الرئاسي، فاختيار رئيس الجمهورية بصورة مباشرة من قبل الشعب، بمعنى عدم خروج الرئيس من البرلمان، والحاجة للحصول على أغلبية أصوات البرلمان، يعني حدوث فصل تام بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، فالرئيس لا يحتاج إلى التعاون مع البرلمان.

وهكذا يكون النظام الرئاسي قد حقق التعاون اللازم لتحقيق السيادة التامة، وبنفس الوقت، حقق مبدأ الفصل التام بين السلطات الثلاث، وهذا له تأثير أكبر بكثير من الفصل بين الصلاحيات، المعمول به في النظام البرلماني.

وتجربة النظام البرلماني في تركيا أثبت لنا أنّ النظام البرلماني له حالتين، إما فوز حزب واحد قوي بأغلبية ساحقة، وهذا يعني تنفيذ المجلس لسياسات الحكومة بصورة سلسة، وبقاء المجلس مرتبطا بالحكومة، كما حصل مع حزب العدالة والتنمية، وإما أنْ يكون المجلس يتكون من أحزاب عدة ضعيفة، وحينها يُصبح من الصعب جدا إدارة الدولة، وحينها لا يمكن ضمان حقوق الناس والحريات، وهذا ما حصل على مدار السنوات التي سبقت قدوم حزب العدالة والتنمية.

ولهذا يُعتبر النظام الرئاسي، الذي يوفر الفصل التام بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، هو الأفضل والأنسب بالنسبة لتركيا.

عن الكاتب

عثمان جان

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس