حسين بسلي - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

1

هناك  لحظات أنكسار لشدة تأثيرها تتغير مجريات التاريخ بعدها، هذه اللحظات تأتي أحيانا بغاية الوضوح وبغاية الوضوح كذلك تجبر التاريخ على أن يغير مساره ومجراه...

2

لو تلى أسقاط الطائرة الروسية دخول قوات عسكرية تركية إلى سوريا لشهدنا غالبا صورة مختلفة للوضع السوري الراهن، في تلك الفترة كانت الأجواء أكثر مناسبة وكانت مهيأة لتدخل تركي في سوريا وكانت الحجة والحاجة كذلك متوفرة بعكس الوضع الحالي. فعلى عكس كثافة التحالفات والتواجد العسكري هذه الايام لم يكن حزب الله ذراع إيران في المنطقة قد هيمن على المناطق التي في يده الآن ولم يكن الجيش الروسي متواجدًا على الأرض بعد وبمعنى آخر لم يكن هناك أي قوة يمكنها أن تمنع التدخل التركي أو يمكنها ان تعيق تحركات الجيش التركي باستثناء جيش نظام الأسد بالطبع.  

لو حصل التدخل التركي في تلك الفترة لما تضخمت داعش بهذا الشكل ولما ركبت خيل الجموح كما هي الآن ولما كان وجود كوباني أو تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي معنى حقيقي، حتى أنه كان يمكن منع هجمات حزب العمال الكردستاني التي راح ضحيتها المئات من الأبرياء.

3

في هذه المرحلة

نجد تركيا اليوم مضطرة إلى عقد الشراكات مع العناصر المحلية وما يمكن أن نستشفه من هذه الشراكات الاضطرية أن تركيا ستدخل سوريا رغم أن الوضع أكثر صعوبة من الفترة السابقة. هذا الاحتمال والذي مجرد تداوله على الألسنة يحمل الكثير من السلبية على رأي البعض إلا أن هذه الصعوبات والحالة الحرجة وما ينتج عنها من تدخل عسكري تركي في سوريا يعني كسر للخط التاريخي التقليدي. لا شك أن كسر الخط والخروج عن المسار هذا سينتج ردة فعل سيتحمل العالم اجمع وعلى رأسه تركيا تأثيرها وسيدفع الجميع ثمنها.

لو نظرنا إلى الثمن الذي ستدفعه تركيا نتيجة لخروجها عن المسار التاريخي:

ألا تواجه تركيا مسؤولية ثلاثة مليون لاجىء نتيجة هذه الحرب؟

ألا تواجه تركيا الإرهاب في مدن الجنوب الشرقي ألم تقدم أرواح مواطنيها في المواجهات مع الإرهاب هناك؟

ألم يخصص جزء كبير من الميزانية لغرض الحفاظ على الأمن؟

ألا تعيش تركيا بحالة ضيق اقتصادي نتيجة لتراجع العلاقات التجارية التركية الروسية روسيا إلى نقطة الصفر؟

هذا يعني تقريبا أنه لا ثمن أكبر لتدفعه تركيا  نتيجة لدخول "قوات  جيش الجمهورية التركية" إلى سوريا زيادة على ما تقدمه وتدفعه الآن. لكن لنفكر ما الذي ستدفعه وستخسره الأطراف الآخر مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا وإيران وبالتأكيد نظام الأسد.

4

لا وجود للمستحيل

الظلم والوحشية التي طغت على العالم هي ليست أبدًا مصيرنا ولا قدر الإنسانية أو مصيرها كذلك

أحيانا أن تكون صاحب الحق يعني أن تكون أقوى من سلاح الدنيا كله فبالحق تواجه الكف العارية المدافع...

وأحيانا كلمة بطولية واحدة كافية لان تحرك شعوب العالم المقهور ليصلحوا ميزان المعادلة ويقوموا الأخطاء. أضف إلى أن تركيا بجانب كونها صاحبة حق تملك الإرادة والقوة.

نأمل أن تستطيع تركيا أن تتخلص من سيكولوجيا الحضارات المهزومة.

أريد القول إن التدخل العسكري البري الذي ستقدم عليه تركيا سيمكنها من كتابة صفحة النهاية لرواية الحرب العالمية الأولى التي لم تطوى بعد...

مجبر على مضض ففي البيت عيال وولد

مجبر على مضض فالدنيا كبد على كبد

مجبر على  مضض ففي العالم الطاغي والمستبد...

عن الكاتب

حسين بسلي

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس