حُمَيرا شاهين - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

يحتاج المرء من وقت لآخر لأن ينفصل عن واقعه المضطرب الذي تملؤه الفوضى من أجل أن يغوص في أعماق نفسه ليصل ويجد إجابات يبحث عنها. فكما نقرأ الماضي يجب أن نخطط للمستقبل فهي حلقة واحدة لا تنفصل. يُعد تاريخ 2023 نقطة وعلامة فارقة في مسيرة تاريخنا الحافل بكل شيء. فخلال 100 عام من إعلان الجمهورية التركية كانت دواليب الزمن تسير لتتخطّف تركيا بكل معاني المأساة والألم من دعاة الحضارة الذين عملوا على سياسات تحوّل الشعب التركي إلى شعب غربي.

خلال القرن وحتى عام 2023 نرى لوحة من تاريخ الإمبراطورية العثمانية وفي نهايتها حزب العدالة والتنمية حزب الشعب والجماهير، فهو الذي حمل آمال الشعب منذ 13 عامًا إلى يومنا هذا، محاولا كل السبل والطرق ليعيد تركيا إلى خطها السليم، يعيدها من مآسي الانقلابات والأحداث التاريخية السوداء إلى تاريخ العز والحضارة.

فالانتخابات في كل البلاد وحسب أديباتها تعني نسبة تأييد فئات من الشعب أو شرائح معينة لحزب معين، لكن في تركيا الوضع لا يتوقف عند هذا، إذ لا بد من استحضار الماضي ومحاولة استشراق المستقبل لرؤية المشهد ككل في صورة فتوغرافية كاملة. لأننا إن لم نفعل ذلك نكون قد وقعنا في الفخ ورمينا بأنفسنا الى التهلكة.

ولا يمكن فهم آخر 13 عام من حكم حزب العدالة والتنمية إن لم نضعها في إطارها الزمني الصحيح. فكل ما فعله الحزب من تغييرات جذرية في الداخل والخارج كانت وما تزال السبب في النهضة المذهلة لتركيا والشعب التركي، فهو الذي مد يده لتركيا وشعبها وأنقذهما من شفا جرفٍ هاوي.

فانتخاب الغد تحمل قرار الماضي والمستقبل، فهي القرار للحفاض على انجاز 13عام من العمل الدؤوب لكل تركيا، وكذلك القرار والإذن للاستمرار في مشروع تركيا الجديدة الى عام 2023. فالشعب سيصوت على مكانة تركيا الحديثة بين دول المنطقة والعالم الإسلامي والعالم ككل؛ فقد احتشدت الدول العظمى من أجل تحجيم دور تركيا العالمي والإقليمي، فالدور الرئد الذي تقوده أنقرة لا يعجب ولا يتماشى مع أطماع الغرب، وسياسات الغرب في المنطقة لا تعجب أنقرة. كذلك سيصوتون على تضحيات الماضي وأمانات الشهداء، وسيصوتون على مستقبل الأطفال والأحفاد. فلتحسنوا الاختيار.

هذه الانتخابات هي رهان الشعب على كل ذلك، فتاريخ 2023 هي نقطة في نهاية نفق معركة الشعب على الحرية والنهضة. في هذه الفترة الزمنية من التاريخ الطويل للدول التركية المتعاقبة تكون هذه الانتخابات رهان القرن. مع هذا كله فإن الانتخابات في المستقبل لن تبقى على هذا النسق من الأهمية وستعود لمكانها البسيط، وستعود لحجمها الحقيقي في كونها مجرد انتخابات واقتراع على الحزب الحاكم، عندها ستكون الديمقراطية راسخة متجذرة في البلاد ولن يؤثر فيها أفعال العنجهية والأساليب غير القانونية التي تقوم بها بعض الأحزاب في وقتنا الحالي، ويكون كذلك القانون الأساسي للبلاد قوي ومتين.

الناخبون الذين اختاروا في الماضي حزب العدالة والتنمية لأسباب معينة سواء لإنجازات أو وعود وعِدوا بها، فإنهم يجب أن يعلموا أن هذه الانتخابات أكثر أهمية من السابق فهي كما قلنا الرهان على تضييع إنجازات 13 عام سابق وهي أيضا الرهان على حلم تركيا الجديدة في عام 2023. فالاختيار بين ايدكم. فهل تريدون أن تضيعوا جهودكم في 13 سنة الماضية؟؟؟ أم تريدون أن تتوهوا مع أحزاب لا ترى أبعد من أنفها ولا تعلم كيف تصنع أي إنجاز كما علمنا عنهم من قراءة التاريخ؟؟؟

عن الكاتب

حُمَيرا شاهين

كاتبة في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس