محمود حاكم محمد - خاص ترك برس

كما يعلم الجميع أنه لا يمكن إجراء أي انقلاب عسكري سواء في تركيا أو في أي بلد مسلم آخر دون أن يكون هنالك على الأقل إذن من الولايات المتحدة الأمريكية، إن لم تكن هي التي من يأمر بإجراء الانقلاب. وهنالك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن أمريكا هي من تقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو/ تموز الماضي. ومن أبرزها:

1- تصريحات الإدارة الأمريكية

أصدرت السفارة الأمريكية لدى أنقرة أصدرت بيانًا ليلة الانقلاب وصفته بالانتفاضة التركية (Turkish Uprising)، إلى جانب ذلك أدلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تصريحًا لافتًا يعزز أن أمريكا لم تكن فقط على علم بمحاولة الانقلاب، بل راغبة في قيامه حيث قال كيري: "محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا مساء الجمعة لم تنفذ أو يخطط لها بصورة جيدة".

2- تصريحات الإدارة التركية

تصريحات وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي سليمان صويلو التي أدلى بها أثناء استمرار محاولة الانقلاب الفاشلة حيث قال: "إن الولايات المتحدة الأمريكية تقف خلف هذا الانقلاب". ويجب أن لا ننسى اعترافات قائد اللواء 39 آليات اللواء حسن بولاط الذي قال: "اجتمعنا سرّا مع عسكريين من وزارة الدفاع الامريكية في قاعدة إنجرليك 12 مرة وكانت هناك مخططات لتفجيرات في مدن إقليم الأناضول أثناء الانقلاب".

هناك العديد والعديد من الدلائل والأدلة التي تظهر أن أمريكا لم تكن فقط على علم بالانقلاب بل كانت ضالعة فيه، ولكن ليس هذا ما أريد التحدث عنه.

ستواجه تركيا في المرحلة القادمة إحدى أقذر وأشنع المؤامرات، فحسب رأيي الشخصي، فقد اعتبرت الإدارة الأمريكية فشل انقلاب 15 يوليو/ تموز صفعة وجهت لها من قبل الرئيس التركي أردوغان وهي لن تسكت حتى تنتقم منه. وربما سوف تسعى الإدارة الأمريكية، على المدى البعيد، على محاولة اغتيال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل يبدو ظاهريًا على أنه سكتة قلبية.

قد يعتقد البعض أنني أبالغ في ما قلته سابقًا ويقول إنه ضرب من الخيال، ولكن يجب أن لا ننسى ما الذي جرى للرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال. حيث تم اغتياله بأسلوب، اعتقد الجميع يومها أنه توفي بشكل طبيعي ولقد تم اللجوء إلى ذلك الأسلوب الغادر لأن قادة الجيش التركي كانوا يخشونه لدرجة أنهم لم يكونوا ليتجرؤوا على القيام بعملية انقلاب تجاهه إلى جانب التأييد الشعبي الذي كان يحظى به.

صحيح أن تركيا تواجه اليوم العديد من المؤامرات ولكن هذه المؤامرات ليست بقدر أهمية مشكلة نقص وجود  شخص يغطي مكان الرئيس التركي أردوغان في حالة غيابه ليكمل ما مسيرته، ويستطيع السيطرة على الحزب بشكل كامل، وأمريكا مدركة لهذا جيدًا. لذا ستكون أحد المرحلة القادمة من خطط "إعادة تركيا تحت عصا الطاعة" هو التخلص من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ثم زرع الفتنة بين أفراد حزب العدالة والتنمية (كما فعل بولنت أرينتش سابقًا من خلال مهاجمة رئيس بلدية أنقرة مليح غوكتشك) العمل على تقسيم الحزب الحاكم وبذلك تعدو البلاد إلى حالة عدم الاستقرار من خلال الحكومات الائتلافية.

يجب على إدارة حزب العدالة والتنمية أن تهتم بتطهير الحزب الحاكم من أفراد جماعة غولن (الكيان الموازي) كما يتم فعله في قطاعات الدولة المختلفة حتى لا يشكلوا خطرًا وعائقًا أمام تركيا في المستقبل.

عن الكاتب

محمود حاكم محمد

باحث في الشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس